يعتبر مسجد الجزار أعظم مسجد في شمال فلسطين على الإطلاق، لحجمه والفن المعماري الإسلامي الذي يبرز معالمه، مما جعله قبلة المسلمين من مدينة عكا وقضائها، وتحفة سياحية نادرة، يؤمّه السائحون ليتمتعوا بجمال وعظمة هذا البناء، ونوعية الكتابة الفاخرة لمختلف الآيات القرآنية التي تحيط بالقسم العلوي من الجدران.
عندما وصـل أحمد باشا الجـزار إلى فلـسطين، اتخذ مدينة عكا عاصمة له، وحصّنها بالأسوار، وبنى فيها أكبر مركز تجاري سمي باسمه، من أجل تشجيع التجارة وتأمين الدخل لدولته، وشرع بإقامة المسجد الكبير المعروف باسمه (مسجد الجزار) والمدرسة الأحمدية، والمكتبة، وسبيل الطاسات، والملجأ، والميضأة، والمزولة، والبركة التي جلب إليها الماء من نبع الكابري، وأمر قبل وفاته بدفنه بجانب مسجده.
تعود أهمية جامع الجزار - إلى جانب موقعه ومكانته في نفوس المسلمين - لمساحته الهائلة، وارتفاع قبته، فلم يكن المعماريون يعرفون آنذاك الإسمنت المسلّح بالحديد، وكان من الصعب إقامة أبنية واسعة لتعذر بناء السقوف الواسعة، فاحتال المهندسون على ذلك ببناء الأقواس وحجر الغلق الذي يقفل القوس من الأعلى، مما جعله صامداً ضد عوامل الزمن.
يرتكز الجامع إلى أربع زوايا، يبلغ البعد بين كل اثنتين 17 متراً بما فيها الأروقة الجانبية، ويتخلل كل واجهة سبع نوافذ، يبلغ عرض النافذة الواحدة 32 سم وارتفاعها 204سم، وسُمك جدارها 112سم، وفوق النوافذ شريط كتابي بارز الحروف من الرخام الأبيض، وقد طلي ما بين الحروف والكلمات باللون الأزرق، فأكسبها روعة وجمالاً خاصّين.
يوجد في الرواق الشمالي سبعة أعمدة، وفي الرواق الشرقي سبع نوافذ مزخرفة، مكسوّة بالرخام متعدد الألوان، وفيه خمسة أعمدة فقط، والرواق الغربي شبيه بالشرقي، وتقوم فوق كل رواق سِدّة، يبلغ طولها طول الرواق، وأمام كل منها درابزين يرتكز على أعمدة صغيرة من الرخام أيضاً، يضفي على منظرها من قاعة المسجد رونقًا وجمالاً خاصّين.
أعظم ما في هذا المسجد هو القبّة، فهي كروية الشكل، يبلغ قطرها عشرة أمتار، تكسوها ألواح من الرصاص من الخارج لمنع تسرّب الرطوبة إليها، أما المئذنة فتقع في الركن الشمالي الغربي من الجامع، وفيها درج لولبيّ قوامه اثنتان وسبعون درجة، وبعض النوافذ الصغيرة للإنارة والتهوية.
ولذلك فهو تحفة أثرية وفنية نادرة الوجود، يعتز بها كل عربي وفلسطيني مسلم.